زهد النبي صلى الله عليه وسلم

زهد النبي صلى الله عليه وسلم

زهد النبي

الزهد في حقيقته هو الإعراض عن الشيء، ولا يطلق هذا الوصف إلا على من تيسر له أمر من الأمور فأعرض عنه وتركه زهداً فيه، وأما من لم يتيسّر له ذلك فلا يقال إنه زهد فيه، ولذلك قال كثير من السلف: إن عمر بن عبد العزيز كان أزهد من أويس رحمة الله على الجميع، وقال مالك بن دينار عن نفسه: الناس يقولون مالك زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز، أي إنه هو الزاهد حقيقة، فإن الدنيا ك زهد النبي صلى الله عليه وسلم S%20(64)

بين يديه فلم يلتفت إليها.

وقد كان نبينا زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

أزهد الناس في الدنيا، وأقلهم رغبة فيها، مكتفياً منها بالبلاغ، راضياً فيها بحياة الشظف، ممتثلاً قول ربه عز وجل :{وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (طه: 131)، مع أن الدنيا ك زهد النبي صلى الله عليه وسلم S%20(64)

بين يديه، ومع أنه أكرم الخلق على الله، ولو شاء لأجرى له الجبال ذهباً وفضة.

وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره عن خيثمة أنه قيل للنبي زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

: إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم نعطه نبياً قبلك، ولا نعطي أحداً من بعدك، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله، فقال: اجمعوها لي في الآخرة، فأنزل الله عز وجل في ذلك: {تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا} (الفرقان: 10)، وخُيِّر زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

بين أن يكون ملِكاً نبياً أو عبداً رسولاً، فاختار أن يكون عبداً رسولاً.

وأما حياته زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

ومعيشته فعجب من العجب، يقول أبو ذر رضي الله عنه: كنت أمشي مع النبي زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

في حرّة المدينة، فاستقبلَنا أحدٌ، فقال: (يا أبا ذر: قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا، تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار، إلا شيئاً أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه، ثم مشى فقال: إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه وقليل ما هم). رواه البخاري.

وكان من دعائه زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا - وفي رواية - كفافا)، ودخل عليه عمر رضي الله عنه يوماً، فإذا هو مضطجع على رمالٍِ وحصيٍر ليس بينه وبينه فراش، وقد أثّر في جنبه، قال عمر: فرفعت بصري في بيته، ف زهد النبي صلى الله عليه وسلم 012

ما رأيت فيه شيئا يرد البصر، فقلت: ادع الله فليوسع على أمتك، فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله، فقال: (أوَفي شك أنت يا ابن الخطاب، أولئك قوم عُجِّلت لهم زهد النبي صلى الله عليه وسلم S%20(77)

اتهم في الحياة الدنيا)، وكان يقول: (ما لي وللدنيا، ما زهد النبي صلى الله عليه وسلم S%20(66)

في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها)، وكان فراشه زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

من الجلد وحشوه من الليف.

وأما طعامه فقد كان يمر عليه الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة، وما توقد في بيوت رسول الله زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

نار، وإنما هما الأسودان التمر والماء، وربما ظل يومه يلتوي من شدة الجوع وما يجد من الدَّقل - وهو رديء التمر - ما يملأ به بطنه، وما شبع زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

ثلاثة أيام تباعا من خبز برٍّ حتى قبض، وكان أكثر خبزه من الشعير، وما أُثر عنه أنه أكل خبزاً مرقّقا أبدا.

ولم يأكل زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

على خِوان - وهو ما يوضع عليه الطعام - حتى مات، بل إن خادمه أنس رضي الله عنه ذكر عن النبي زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

أنه لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبزٍ ولحم إلا حين يأتيه الضيوف.

ولم يكن حاله في لباسه بأقل مما سبق، فقد شهد له أصحابه رضي الله عنهم بزهده وعدم تكلّفه في لباسه وهو القادر على أن يتّخذ من الثياب أغلاها، يقول أحد الصحابة واصفاً لباسه: أتيت رسول الله زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

أكلّمه في شيء فإذا هو قاعد وعليه إزار قطن له غليظ، ودخل أبو بردة رضي الله عنه إلى عائشة أم المؤمنين فأخرجت كساء ملبدا وإزارا غليظا، ثم قالت: قُبض رسول الله زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

في هذين الثوبين، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية.

وإن المرء ليقف متعجبا أمام ما يذكره علماء السير من وصفٍ لبيوت النبي زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

وقلة متاعها، فلم يكن فيها شيءٌ يملأ العين من الأثاث ونحوه، وما ذلك إلا زهداً في الدنيا وإعراضاً عنها.

ولم يترك زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

عند موته درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا جعلها صدقة، قالت عائشة رضي الله عنها: "توفي رسول الله زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

وما في رفِّي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رفٍّ لي، فأكلتُ منه حتى طال عليَّ"، ومات زهد النبي صلى الله عليه وسلم A11

ودرعه مرهونة عند يهوديّ مقابل شيءٍ من الشعير.

إن ما ذكرناه في هذه العجالة هو شيء يسير من أخبار إمام الزاهدين وسيد العابدين زهد النبي صلى الله عليه وسلم A10

، وغيرها كثير لم يذكر، وستظل هذه الأخبار شواهد صدق على نبوته وزهده وإيثاره ما عند الله عز وجل، وإن فيها دعوة للأمة وللأجيال المؤمنة للزهد في الدنيا والحذر من فتنتها، فلو ك زهد النبي صلى الله عليه وسلم S%20(64)

الدنيا دليل محبة الله لصاحبها، لفاز بها خير الخلق وأكر زهد النبي صلى الله عليه وسلم Mhm

على الله.

مشكورة اختى بسمله على كل ما تقدميه لنا

من مواضيع قيمة ومفيدة
بارك الله فيكى اختى

مشكوورة اختى الغالية بسملة نادر على هيك الموضوع وجزاكى الله خيرا

» أسطوانة غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم والخرائط التوضحيه
» 100 سنة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم
» قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم!!
» بعثة نبي الله عيسي - عليه السلام
» سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ام فن الاتكيت