عاشق و وحدانى
| موضوع: الدنيا الخميس 3 يناير - 3:20:32 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيمعن عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أفلح من اسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه ). رواه أحمد ومسلم وغيرهما. اعلم اخي المسلم ان حب الدنيا رأس الخطايا والسيئات وبغضها والزهد فيها ام الطاعات ـ ولذلك يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوجهنا الى الطريق المستقيم فيقول في حديثه النبوي الشريف. (طوبى لمن هدى للإسلام ـ وكان عيشه كفافا وقنع به). من هنا نعلم ان صلاح اول هذه الأمة بالزهد واليقين ، وهلاك آخرها سببه البخل وطول الأمل. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت الآخرة همه ، جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله ـ وأتته الدنيا وهي راغمه ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا الا ما قدر له) ، فعلى المسلم ان يجعل الدنيا مطيته الى الآخرة وهذا يتطلب منه مجاهدة للنفس ، بالزهد بما في أيدي الناس ـ والزهد له تعريف ـ أجمع عليه العارفون بأنه سفر القلب من وطن الدنيا وأخذه في منازل الآخرة. ومن احسن ما قيل في الزهد (ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ، ولا إضاعة المال ، ولكن ان تكون بما في يد الله اوثق منك بما في يدك ـ وان تكون في ثواب المصيبة اذا اصبت بها ارغب منك فيها لو لم تصبك). ومن عبارات السلف في الزهد قول سفيان الثورى ـ الزهد في الدنيا قصر الأمل ليس بالأكل الغليظ ، ولا لبس العباء ، وقال يحيى بن معاذ (لا يبلغ أحد حقيقة الزهد حتى يكون فيه ثلاث خصال عمل بلا علاقة وقول بلا طمع وعز بلا رياسة). قال أبو واقد الليثى رضي الله عنه ، تابعنا الأعمال ايها افضل؟ فلم نجد شيئا اعون على طلب الآخرة من الزهد في الدنيا ـ وقال محمد بن كعب القرظي (اذا أراد الله بعبد خيرا أزهده في الدنيا ، وفقهه في الدين وبصره عيوبه ومن أوتيهن فقد أوتى خيرا كثيرا في الدنيا والآخرة). ما يعين على الزهد يقول ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ الذي يعين على الزهد ثلاثة أشياء أحدها علم العبد ان الدنيا ظل زائل ،كما قال تعالى (كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).( الحديد 20). وسماها متاع الغرور الثاني ـ علمه ان وراءها دار أعظم منها ، وهي دارا البقاء فالزهد في الدنيا لتلك الدار العظيمة. الثالث : ان تعلم ان ما قدر لك من الدنيا لا بد ان يأتيك فزهدك عنها لا يمنع ان يأتيك ما كتب لك منها ـ كما ان حرصك عليها لا يأتيك بما لم يكتب لك منها. فمن هذا يتضح لكل مسلم ان يطمئن قلبه وان يقنع بما قدره له رب العالمين لأن حب الدنيا له عواقب وخيمة ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أشرب حب الدنيا التاط منها بثلاث شقاء لا ينفذ غناه ، وحرص لا يبلغ عناه ، وأمل لا يبلغ منتهاه)، فالدنيا طالبة ومطلوبة فمن طلب الدنيا طلبته الآخرة حتى يدركه الموت فيأخذه ، ومن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه ، وقال جابر بن عبدالله خرجت مع الأمام علي رضي الله عنه الى خارج المدينة فتفكرت في أحوال الدنيا وغرورها وفتنتها فقال ـ يا جابر إن الدنيا احقر من ان ـ يفتتن بها لبيب ـ ياجابر ان لذاتها في ستة أشياء مأكول ومشروب وملبوس ، ومنكوح ومشموم ومسموع فأما المأكول فألين ما يؤكل العسل وهو رجيع ذبابة وأما المشروب فألذ ما يشرب الماء وقد تساوى فيه جميع الحيوانات وأما الملبوس فأفخر ما يلبس الحرير ومخرجه من دودة وأما المنكوح فمبال في مبال وأما المشموم فأطيبه المسك وهو دم دابة وأما المسموع فألذ ما يسمع الوتر وهو إثم كله . مواقف من حياة الزاهدين سيد الزاهدين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عرضت عليه الدنيا ومفاتيح كنوزها فلم يأخذها واختار ان يجوع يوما ويشبع يوما ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت على امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم عباءة مثنية ـ فرجعت الى منزلها فبعثت الي بفراش حشوه الصوف فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا؟ فقلت فلانة الانصارية دخلت علي فرأت فراشك فبعثت الي بهذا فقال رديه فلم أرده واعجبني ان يكون في بيتي حتى قال : ذالك ثلاثا فقال يا عائشة رديه والله لم شئت لأجري الله معي الجبال ذهبا وفضه). والروايات في هذا المقام كثيرة ولو تذكر كل واحد فينا ـ كيف مدخله في قبره ـ وكيف مخرجه ويذكر الجوع والعطش ـ وطول القيامة والحساب ـ والصراط فإذا ذكر ذلك شغله عن ذكر دار الغرور. أخي المسلم علينا ان نتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتذكر صحابة رسول الله وكيف كانوا حريصين على التخلق بأخلاقه فلنكن مثلهم فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم ان التشبه بالرجال فلاح نسأل الله العلي القدير التوفيق والهداية لكل المسلمين ، اللهم آمين
| |
|